السبت، 3 أغسطس 2013

قصيدة : أنت منذ رحيلك أنت



صورة  للشاعر الراحل محمود درويش 
من رسمي .2010


الكاتب في ذكرى تأبين الشاعر 
حسين عطية 


قصيدة متنوعة القوافي 
مزجت ما بين التأبين و الرثاء 
واستحضار الشاعر بحوار مع الكاتب 

* * * * * * * *





1-

الذكرى الخامسة على رحيل من فاجئ الموت بموته

حارس السنديان " محمود درويش "

ها هنا يعود الغريب

فعد من حيث مت

و انهض يا حارس الموتى

و احملنى إلى السماء

و سر كما سار المسيح على البحيرة

و ابشرني كيف تكون القيامة

 فالموت ليس إلا جنازة

ترحل بها الأجساد

لنختلي بحضوركم

فكراً  و قصائداً وشغفاً للحنين

واشتياقاً للحب الشارد


2- (حوار من وحي الكاتب مع الشاعر)

قال :

" لا موتى هناك

هناك فقط تبديل عوالم "

قلت :

هل بوسع الكلام أن يتسع لقصيدة ٍ

تكتب على جسد عابرٍ من أبريل

ليحيا بعد هذا الرحيل على شيء من أمل ؟

قال :

" ولدنا هنا من بين ماء ٍ و نار ٍ

و نولد ثانية في الغيوم على حافة الساحل اللازوردي

بعد القيامة "

قلت :

أنا الغريب في رحيل ذاك الحاضر

ليلة من آب  تستفيق على ماض ٍ

لا يتغير كلما ابتعدنا عنه

فأنت منذ رحيلك أنت

قال :

" أيها الماضي !

لا تغيرنا كلما ابتعدنا عنك "

قلت :

أنا لا شيء آخر

غير ذاك الغريب

السائر على دروب زهر اللوز

فزهرة الاوركيد

أتخذت مكانها من مساء ذاك السبت

ففي ذكرى رحيلك

سأقول قصيدة ٌ أرثي بها

من كان الأقرب إلى روحي

فكن دوماً ظلي و شطر أولى قصائدي

فالذكرى  سيدى

نرجس ٌ يوقظ فينا ما نحن بحاجة له

لنكون كما الأنبياء

سائرون على دروب الجنة

قال :

" أيها المستقبل 

لا تسألنا من أنتم ؟

و ماذا تريدون مني  ؟

فنحن أيضاً لا نعرف .


وقال :

" أيها الحاضر تحملنا قليلا ً

فلسنا سوى عابري سبيل ٍ ثقلاء الظل "

قلت :

أتعرفني ؟

أتسمعني ؟

اتراني ؟

فالاسطورة تقول :

أن الموتى هم ابناء عم الاحياء

و الموتى !

هم الاحياء الشاهدون

على مذبحة الحياة !

فأنا لم أكبر

هو العمر من يكبر فينا

وهو من فرق أجسادنا

فكن كما أنت حيث ترقد بسلام ٍ

روحا ً في الأمل

فربما امتلأت جنان السماء

بقصائد السلام و أول حب ٍ
  

3-

" أعدي لي الأرض كي استريح

فإني احبك حتى التعب "

هذا هو كبرياء من أحب الحياة وفاجئ الموت بموته

رحلت يا عشقي الأبدي

" فنم يا حبيبي ، عليك ضفائر شعري

عليك السلام "

 لم تخلق دنيا إنسان عبث

هناك !

حيث رقدت الملائكة في ليلة مظلمة  

ولحنت السماء بترانيمها سمفونية الحالم السرمدي

كنت أنت الحاضر

فما هناك كان حديث آلهة

هناك يا سيدى

تفجرت من اللاحرية حرية

فكبرنا على الأمل

وكبر الحب فينا

و واقعنا أجمل كما كنا نحلم

و أنت سيد كل هذا الشيء


4 -

هناك

 حياة أخرى لمن يحيا على سيدة الارض

حياة ٌ لذاك الوحي الراحل (محمود درويش)

لم نلتقي في هذه الرحلة القصيرة

لكن سيدى ، كل امرءٍ سيحشر مع من يحب

فحياتنا هي أن نكون كما نريد

و حياتنا كما تشتهي أحلامنا

لن تكون هذه النهاية

سأعود من كل عام ٍ هنا

ستكون دعواتي كما هي من كل عام ٍ

أن ترقد بسلام

و أن تكون سيدة الأرض وفية ٌ بإحتضان إبنها

فعليك رحمة السماء

من هذا المساء سيدى

سأعيد ترتيب حاضري بما يليق بك

فما من شيء أحتاج  أكثر من لقياك

لعلها تكون قريبة

لنكون سواسية بعمر الموت

و سواسية في ذاك المرقد و الإله

فدامت ذاكرك خالدة ٌ فينا

رحمك من في السماء

سيدى محمود درويش

.

محمود سليم حسين درويش ، شاعر فلسطيني ، ولد في قرية البروة
(13 مارس 1941 - 9 أغسطس 2008)


بقلم : حسين عطية 
8 أغسطس 2013



الثلاثاء، 1 يناير 2013

قصيدة:هـنــا ( نـيـل ٌ و لـيـلٌ و أنـا )




1)

هنا 

حياة ٌ أخرى لمسافر 

أراد أن يحيا قليلا 



دون أي حواجز 

بسلام ٍ 




مررتُ هادئ النفس 




نسمات بردٍ تلتحفني بشغف




تثير هاجس قلم ٍ لنثر أولى القصائد




خارج وطن




فتساءلت : 




أهي صدفة أن أجتمع بليل ٍ و نيل ٍ 




وقلمٌ بكراسة نثري ؟ 




أم أن هناك حاضرٌ غائب يُلهمني 




لأكون برفقته في أي مكان ٍ أمضى ؟




ولكن ،




في الشتاء هنا 




جلست أقول قصيدة لسائح ٍ




من أمامه نهر نيل ٍ 




ومن وراءه مدينة مُعز ٍ 




يقيم فيها برج على أسمها (قاهرة المُعز ِ)







2)


هنا أنا ،، و هناك زماني 




عصر تراجيدي مُكدس بزحم ِ الأفكار 




هنا ، أعيد إلى ذاكرتي سؤال من أكون ؟! 




فيجيب البرد برعشة قلم ٍ يكتب !




أنت أبن أمك و أنت لوالدك تتمثل 




و أنت فلسطيني إن شئت كان هذا ليلك 




أم كلاسيكيٌ صاخب يعزف موسيقاه 




على أيقاع ترانيم فرعوني عاشق ؟!




فكن كم أنت  من هذا المساء 




فكمنجاتُ النيل 




تحتضن كل من آتاها زائرا ً 




وكل من آتاها شاعرا ً 




و كل من آتاها باكياً و شاكياً و حالما ً




فقلت محدثا ً نفسي ، من أنا من بينهم ؟




فخبيئني يا أوراقي في أقدم قصيدة لى




و علميني يا مصر الشعر 




لعلي أجد ما ينقصني هنا



3)


هنا 

 لربما كان اللقى كثيرا ؟




هكذا  مَررتُ سؤالي لكراسة نثري




فتسألت : كم من شاعر ٍ مر قبلي هنا ؟




كم من حبيب ألتقى بحبيبٍ هنا ؟




وكم من شاكياً لك قد أتوى ؟




فكم وكم هى أسئلة ُ اللقُى الشاردة




أمتزجت بذاكرة ماض ٍ 




  لمن لهم أزلية الذكرى 




 لأزين سطورى بذكرى درويش 




فهو أيضاً شاعر قد مر من هنا 




فأين تكمن خُطاك سيدى ؟ 




ربما الدفئ يكمن حيث كان مقعدك




فتبسم النيل ، أو ربما هو افقتدك 




فمن هنا لك سيدى سلام ٌ حيث ترقد




" فربما أتسعت بلاد ٌ لي كما أنا




واحداً من أهل هذا البحر "




هذا ما أقتبست من جداريتك 




في سياق الواقع سيدى







4)


هنا 




 ليل ٌ يدق صولجانه




ليبدأ منتصف يوم ٍ أخر 




و أنا ما زلت جالساً في زاوية 




تحت كوبرى قصر النيل




تحت ظلال سمائك مصر 

أُسامر النيل بشغف 




مررت يدي إلى جيبي 


أُشعلت سيجارةٍ


 لعلها تمنح جسدي دفئاً




هنا ايضاً ، بائع القهوة و الشاي ما زال حاضراً




وصوت العندليب يطرب مسامعنا




و البرد لا زال يداعب أناملي في الكتابة 




و كأسٌ من الشاي أنتظره بلهفة 




لعلى أستفيق على ربيع ٍ آتي




فأخط ُ دون كلل ٍ كلمات النثر فوق أوراقي 




فلربما تكون هذه الأمسية ذاكرة وليد ٍ من أبريل 




تماشت خطاه تواضعاً




برفقة سماءٍ و نيل ٍ و شاعر


5)


هنا 




 خفايا ليلٌ مموج باللازورد 




بات حاضرٌ ليعانق أحدهم  




بدايته كانون الأول




على ترانيمه تناثرت الأمنيات




فكانت كل الأشياء غائبة 




فارغ ٌ لامتناهى من الأشتياق 




صوت أحدهم يرجف 




عند باب منتصف ليل 




قلمٌ يرتعش برداً 




يجسد خفايا تائه 




لربما كنت أنا !




و لربما كان أحدٌ يشبه حاضري أنا  !




فأن تعرف من أنت ؟ 




هو القدر من يجيب سؤال دهرك المنتظر




ومع غفوة ٍ روادتني ابتسامة ٌ خافتة 




أثارتها على شفاهي قصة بائعة الكبريت




متقمصاً من ضوء سيجارتي حكايتها



6)


 هنا أنا 




سرمدي ٌ بلا أُفق




من حولي حجارة تصنع حدود النيل




و كأنها تخاطب الأمواج




 اذا أقتربت ،قالت : هذا لك وهذا لنا




و أنا ما زلت حاضراً فوقها 




 و يبدو أن من حولنا قد رحلوا 




و أمضينا كما كنت أشتهى 




حاضرٌ بقصيدة فرعونية 




أختلجها بهدوءٍ وحدي




لا حاضرٌ غيري فيها 




لا حنينٌ لغير الغائب بلا عنوان 




فأحببتُ إلى نَفسى أن تلقي ذاتها هنا 




بعيداً عن دور العاشق المعلق على جسد أنثى




هنا 




 أسخليوس آخر يولد 




ملحمة تراجيدية أخرى 




ذاكرة مشرد




يبحث عن نفسه ، عن وطن ٍ يسكنه السلام




فكلانا يبحث عن ما يريد 




كلانا تائه بين القدر




و ربما كلانا سيبقى كلمات ٌ يكفنها الورق



7)


ومن هنا 




أُلقى تحيات الصباح




لأعود بقصيدة فرعونية 




كان شاهدها النيل و سماء مصر




حكاية قرنفلية أخرى 




أقمتها على ذكرياتِ الشتاء




فكوني الخاسر بالعشق من أنثى 




هو أن أعيد بناء ذاتي 




لأنتصر برفقة قلم ٍ و دفتر أشعار ٍ 




فالأيام تمضي وليس إلا الموت بيننا 




فمن هنا أنا ، و هناك كان زماني 




فلك ومنك أيها النيل حكاية سلام ٍ

سأدونها شوقاً للعودة مرة أخرى هنا 




فكبرياء أن أكون ، هو أننا ما زلت أنا




رائعة الأيام ، أن تكون دون أي ماض ٍ




لكنك كنت أجمل ذكرى من رائعة ماض ٍ




رسمتها أمواج نيل مموج بلازورد السماء







 كتابة : حسين كاظم عطية .

بتاريخ : 12\12\2012 .

المكان : مصر\القاهرة- من جانب نهر النيل بالقرب من كوبرى قصر النيل .